expr:class='data:blog.pageType'>

الْعُنْفُ ضِدَّ الْمَرْأَةِ


الْعُنْفُ ضِدَّ الْمَرْأَةِ

الْعُنْفُ ضِدَّ الْمَرْأَةِ
الْعُنْفُ ضِدَّ الْمَرْأَةِ



مُحتويات المقال

1- مُقدِّمَة
2- تعريف العُنف
3- مفاهيم العُنف
4- مشكلة العُنف
5- ارتباط العُنف
6- مـنـشأ العُنف
7- دور الحركة النسائية
8- دور المُنظمات العالمية
9- أشكال العُنف
      العنفُ العائلى
      العنفُ المُتوارث
      العنفُ المُجتمعى
      العنفُ الجنسى
      الإتجار بالنساء
10- أسباب العُنف
     المرأة نفسها
     الجهل بكيفية التعامل
     المستوى الثقافى
     الأسباب التربوية
     العادات والتقاليد
     التأثر بوسائل الإعلام
     الأسباب البيئية
     الأسباب الاقتصادية
     عُنف الحكومات
     تداعيات الحروب
11- العواقب الوخيمة للعُنف
12- نظريات تفسير العُنف
13- شخصية المرأة المُعنَّفة
14- نفسية المرأة الضحية
15- شخصية الرجل المُعنّف
16- ثقافة الرجل المُسىء
17- دوافع الرجل المُسىء
18- أثر العنف على الأطفال
19- طرق الوقاية
20- المراجع
21- الخاتمة





مُقَدِّمَة


إنَّ الناظرَ للمجتمع العالمى سيجدُ أنّ العنفَ فى ذاتهِ و قَبْلَ أن يتعدى إلى المرأةِ قد استشرى فيهِ بأشكالِ مُتنوعة تماماً كتنوع ثقافات ذلكم العالم البشرى وعاداته و تقاليده ، هذا بصفةٍ عامَّة ، و لا سيَّما عالمُنا الإسلامىَ العربى و المصرىَ بصفةٍ خاصة. فسلوك العنف خصوصاً ضدّ المرأة هو سلوكٌ قديمٌ حديث ، قديماً مُتأصلاً مُتأثراً بثقافة الاحتلالات و الحروب و الاضطهاد. و حديثاً يستمدُ حداثـتهِ من تطور وسائل الإعلام التى
تصور واقع قد اجتاحته سيادية الرجل حتى أصبح العنف ضدّ المرأة ظاهرة تعكس الجانب الانحرافى المُهدِّد للبنية الاجتماعية "الأسرة والمجتمع" أمَّا بعدُ. فقد راعيتُ أن يكون المقال مُلمِّاً كفاية بِمعظم جوانب هذا الموضوع الهام بالنسبة للفرد و الأسرة بل و للمُجتمعِ كُلِّهِ.



تعريف العُنف

العنفُ "violence" تعبيرٌ صريحٌ عن العداء "Hostility" وهو يتراوح بين مُمارسة القهر المادى على الأشخاص و المُمتلكات و القهر و الإيذاء المعنوى المُباشر و غير المُباشر ، كما يُعد أكثر أشكال العدوان "Aggression" تطرفاً ورفضاً. و تتباين أشكال العُنف ضدَّ المرأة و يتسع التعريف شاملاً لِأنماطٍ مُتعددة من السلوكيات المادية و المعنوية المُباشرة و غير المُباشرة. و يُعرف العُنف بأنه : أى فعلٍ عنيف تدفع إليه عصبية الجنس يترتب عنه أذى جسدى ، جنسى ، نفسى أو تهديد من هذا القبيل سواء حدث هذا فى الحياة العامة (الاجتماعية) أو الخاصة (الأسرية).


مفاهيم العُنف

تتعدد المفاهيم الخاصة بالعُنف ضدَّ المرأة ، ويأتى هذا التعدد نتيجة لأن أشكال العُنف تدخل فى مجالات مُتعددة. فهناك العُنف الاجتماعى ، الاقتصادى ، السياسى ، الصحى ... إلخ  و بالتالى فهناك عدد كبير من المفاهيم للعُنف ضدَّ المرأة و التى تهدف إلى تعريف الظاهرة بما يخدم مصلحة المجال.

بصفةٍ عامة

يُعرف العُنف ضدَّ المرأة فى الإعلان العالمى لمناهضة كافة أشكال العُنف ضدَّ المرأة على أنه يعنى " أى اعتداء ضدّ المرأة المبنى على أساس الجنس و الذى يتسبب فى إحداث إيذاء أو ألم جسدى ، جنسى أو نفسى للمرأة 
و يشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفىى للحريات سواء حدث فى إطار الحياة العامة (الاجتماعية) أو الخاصة (الأسرية)  و نجد فى التعريف العالمى للعنف توضيحاً شاملاً لما هو العُنف المُوجه ضدّ المرأة بحيثُ يتضمن التعريف الأفعال التى من شأنها إلحاق الأذى بالمرأة حتى لو لم تؤدى فعلاً إلى هذا الضرر.

حَسَبْ بعض الدراسات

تشير عدد من الدراسات فى تعريفاتها للعنف على أنه استخدام للقوة و السيطرة على المرأة ، و أن العنف بحد ذاته ليس هو المقصود بل هو تعبيرٌ عن أنَّ السلطة هى للرجل و يتم التعبير عن هذة السلطة و القوة من خلال
تعريض المرأة لِأشكال مُختلفة من العنف بحيث تبقى مُهمشة و غير قادرة على النهوض بمستواها الاجتماعى و العلمى.


القائم على أساس النوع الاجتماعى

و هذا العنفُ مظهر تاريخى للعلاقات القائمة على القوة و اللامساواة بين الرجال و النساء أى عنف يُعبَّر عنه داخل علاقة قطبية " امرأة / رجل " مُوجَّه إلى المرأة و مرتبط بوضعيتها داخل المُجتمع.

القائم على التمييز

أمّا عن علاقة العنفُ بالتمييز فالعنف ضدّ المرأة ليس فقط نتيجة للتمييز و لكنَّ التمييز مُـــكوَّن من مُكونات العنف ضدّ المرأة ، كما أنّ العنف الرمزى يدل على أشكال خفية للإكراه و الضغط ، تُمــــارَس برضى من الأشخاص المُعنِفين و من أنواعه العنف الذى تعيشه المرأة التى لا تصفه هى نفسها بالعنف لأنها تُبرره   
و تتدافع عنه.

القائم على الجنس

إنّ العنف المبنى على الجنس له أنواعٌ قد تختلف من ثقافةٍ إلى اُخرى و من بلد إلى آخر حسب ثقافة و عادات و تقاليد و قوانيين ذلك البلد فمثلاً هناك العنف الداخلى (فى المنزل) التحرش ، الزواج المُبكر (الإجبارى)، المُمارسات التقليدية الخاطئة و المُضرة مثل (ختان البنات فى بعض الحالات الطبية ، و القتل من أجل الشرف ... إلخ)، و بما أن أعمال العُنف المبنى على الجنس تلك تنتهك عدد من حقوق الإنسان إلا أنها لا تُعتبر كلها أعمال إجرامية أو غير قانونية فى نظر بعض القوانين و السياسات ، و كما قلنا فإن انتهاك تلك القوانين يختلف من بلدٍ و آخر كلاً حسب ثقافته و عاداته.

مشكلة العُنف

تُمثِّل مُشكلة العنف ضدّ المرأة إحدى القضايا التى تهتم بها المُنظمات الدولية و هيئات المُجتمع المدنى فى الألفية الثانية ، و قد أصبح الاهتمام بها يُمثل قضية من قضايا حقوق الإنسان و ميزان لتحضُّر الشعوب 
و الحكم على أهليه المجتمعات بالانتساب للإنسانية. و قد تعددت الدراسات و البحوث التى اهتمت بقضية العُنف الزواجى باعتبارها صورة من صور القهر الإنسانى و من ظلم الإنسان لأخية الإنسان و لكنّ المُلاحَظ أن الدراسات العلمية و البحوث قد تأثرت بالشائع و المُتداول عن دور الرجل الزوج أو الرفيق الفاعل لعمل العدوان و العنف ضدّ المرأة الزوجة أو الرفيقة. و العديد من التقارير و الأبحاث تشير إلى أن قضية العنف ضدّ المرأة ذات أبعاد تاريخية و حضارية و مُجتمعية فهى ليست قاصرة على مكان دون الآخر و لا زمان دون الآخر ، و لا مُجتمع متحضِّر أو مُتخلف بل هى قضية ترتبط بوجود الإنسان و العلاقة بين الرجل و المرأة.
و تُشير العديد من الإحصائيات إلى تزايد نسب العنف ضدّ المرأة و انتشارها فى العالم حيث تراوحت بين نسبة (25 % إلى 60 % ) من المُترددات على أقسام الطوارىء فى المُستشفيات على مستوى العالم من النساء المُتعرضات للعنف من الأزواج.

ارتباط العُنف

و يرتبط العنف ضدَ المرأة ارتباطاً وثيقاً بعلاقات القوى غير المُتكافئة بين الرجال و النساء و التمييز القائم على النوع الاجتماعى و يتفاعل معها و يُشكل الحق القائم فى عدم التعرض للعنف و التمييز القائمين على العرق أو الجنس أو التعبير أو الهُوِّية أو العمر أو النَسَبْ أو الدين و كذلك الكرامة المتأصلة و المُتكافئة لكل إمرأة و رجل و طفل أساساً لحقوق الإنسان.

مــنشأ العُنف

إنَّ العُنف ضدّ النساء لهو نتيجة للتراكمات التاريخية غير المُتساوية بين الرجال و النساء و التى أدت إلى الهيمنة و التمييز ضدّ النساء من قِبَلْ الرجال و إلى منع التقدم الكامل للمرأة ، و هذا العُنف ضدّ النساء هو أحد الآليَّات الاجتماعية الحاسمة التى اُجبرت بها المرأة على التنازل عن احتلال مواقع مُتساوية مع الرجل. فالاعتراف بمسألة العُنف ضدّ المرأة و التمييز القائم ضدّها مرَّ بتطوارتٍ تاريخية مهمة و ما الاعتراف الدولى لهذه القضية إلا نتيجة لسنواتٍ من العمل على جمع الصُعُد و التى من أهما المؤتمرات الدولية و مواثيق الأمم المُتحدة.

دور الحركات النسائيَّة

اتُّخِذت مسألة العُنف ضد المرأة مكاناً بارزاً بسبب عمل المُنظمات و الحركات النسائية على مستوى القاعدة الشعبية فى العالم أجمع ، و قد دعت النساء إلى اتخاذ تدابير لمعالجة هذه الانتهاكات على الصعيدين الوطنى 
و الدولى و كشفنَ عن دور العنف ضد المرأة كشكل من أشكال التمييز و آليَّة لأدآمتهِ.
و نتيجة لذلك وُضِعت مسألة العنف ضدّ المرأة على جدول الأعمال فى سياق العمل على إحقاق حقوق المرأة فى الأمم المتحدة. و كان للتفاعل بين الدفاع عن المرأة فى مُختلف أنحاء العالم و مُبادرات الأمم المُتحدة على مدى بضعةً عقود الماضية عاملاً مُحركاً فى تحقيق هذا الانتباه.
غير أن زيادة الانتباه إلى العنف ضدّ المرأة برَزَت بالدرجة الأولى فى سياق عقد الأمم المتحدة للمرأة فى خلال الفترة ما بين (1975 – 1985) و عملت الجهود النسائية حافزاً فى توسيع نطاق فهم العنف ضدّ المرأة.
إن المُبادرات المُبكرة لمعالجة العنف ضدّ المرأة على الصعيد الدولى ركزّت بالدرجة الأولى على الأسرة و مما يُذكر أن خطة العمل العالمية للمرأة التى اعتمدها المؤتمر العالمى للسنة الدولية للمرأة فى مدينة مِكسيكو فى سنة 1975 ، لفتت الانتباه إلى ضرورة وضع برامج تعليمية و طرق لحل النزاع العائلى تضمن الكرامة 

و المُساواة و الأمن لكل فرد من أفراد الأسرة لكنّها لم تشر بصراحة إلى العنف غير أن محكمة المُنظمات غير الحكومية التى عُقِدت بالتوازى مع المؤتمر فى مدينة مِكسيكو و كذلك المحكمة الدولية المعنية بالجرائم ضدّ المرأة التى عُقِدت فى بروكسل سنة 1976 أبرزت أشكالاً من العنف ضدّ المرأة أكثر بكثير منه فى نطاق الأسرة.
و ازداد العمل النسائى لمكافحة العنف ضدّ المرأة فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى و أصبحت المسألة أكثر بروزاً فى المؤتمر العالمى الثالث المعنى بالمرأة ، المعقود فى نيروبى فى سنة 1985 ، و اعترفت استراتيجيات نيروبى للنهوض بالمرأة ، بانتشار العنف ضدّ المرأة فى أشكال مُختلفة فى الحياة اليومية فى كلِ المُجتمعات و عُرفت مظاهر متنوعة للعنف بلفت الانتباه إلى النساء اللائى يتعرضن للإساءة و الاعتداء فى المنزل ، والنساء اللائى يقعن ضحايا للبغاء القسرى و النساء المُعتقلات و النساء فى النزاعات المُسلحة 
و بدءت إقامة الصلة بين العنف ضدّ المرأة و المسائل الأخرى على جدول أعمال الأمم المُتحدة باعتبار ذلك العنف عقبةٌ رئيسية أمام تحقيق أهداف العقد الدولى للمرأة المساواة و التنمية و السلم و دعت إلى اتخاذ سياسات 
وِ قائية و تدابير قانونية و وضع آليَّة و طنية و تقديم مساعدة شاملة للنساء اللائى يقعن ضحايا العنف 
و اعترفت أيضاً بالحاجة إلى توعية الرأى العام للعنف ضدّ المرأة كمشكلة مُجتمعية.

دَوْرَ المُنظمَات العالميِّة  

فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى اكتسبت جهود الحركة النسائية لكسب الاعتراف بأن العنف ضدّ المرأة مسألة تتعلق بحقوق الإنسان زخماً كبيراً. و فى المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان المعقودة فى يينا سنة 1993 تجمعت النساء و ضغطنّ على الصعيدين العالمى و الإقليمى لِإعادة تعريف معالم قانون حقوق الإنسان ليشمل ما تمر به النساء من خبرات و قدّمنّ إلى المندوبين للمؤتمر ما يَقرب من نصف مليون توقيع جمعت 128 دولة تطلب الاعتراف بأن هذا العنف يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان للمرأة و عقدن مُحكمة عالمية قدمِت إليها شهادات من النساء فى إطار حقوق الإنسان بما فى ذلك قضايا عنف من مُختلف أنحاء العالم و اشتمل إعلان و برنامج عمل ﭭيينا على توكيد عالمية حقوق المرأة باعتبارها حقوق إنسان و دعوة إلى القضاء على العنف القائم على أساس نوع الجنس.
و أضاف مؤتمر
يينا دعماً كبيراً إلى اعتماد الجمعية العامة إعلان القضاء على العنف ضدّ المرأة لسنة 1993 و ينص هذا الإعلان على أنَّ العنف ضدّ المرأة مظهر لعلاقات قوى غير مُتكافئة بين الرجل و المرأة عبر التاريخ أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة و ممارسته التمييز ضدّها و الحيلولة دون النهوض بالمرأة نهوضاً كاملاً.
كما و يُبرز هذا الإعلان المواضع المُختلفة للعنف ضدّ المرأة ، كالعنف فى الأسرة ، و العنف فى المجتمع ، 

و العنف الذى ترتكبة الدولة أو تتغاضى عنه.
و أشار الإعلان إلى حقيقة إنَّ فئات معينة من النساء معرضات بوجهٍ خاص للعنف بما فى ذلك الأقليات و نساء الشعوب الأصيلة و اللاجئات و الفقيرات فقراً مدقعاً و النساء المُتعلقات فى مؤسسات إصلاحية أو فى سجون 

و الفتيات و النساء المُعاقات و النساء المُسنات و النساء فى أوضاع النزاع المُسلح.
كما و يَضع هذا الإعلان سلسة من التدابير التى يجب أن تتخذاها الدول لمنع هذا العنف و القضاء عليها 

و يقتضى من الدول أن تدين العنف ضد المرأة و أن لا تتذرع بالعادات أو التقاليد أو الدين كى تتجنب واجباتها فى القضاء على هذا العنف.
و فى سنة 1995 تمكن إعلان و منهاج بيـ
ين من تجميع هذة المكاسب بتوكيد أن العنف ضدّ المرأة انتهاكاً لحقوق الإنسان و عائق لتمتع المرأة التام بكل حقوق الإنسان و تحول التركيز إلى المُطالبة بمسائلة الدولة عن تدابير منع العنف ضدّ المرأة و القضاء علية التى اتخذتها و أنشأ مجال القلق الهام جداً فى منهاج عمل بيـﭼين المُتعلق بالعنف ضدّ المرأة أهدافاً استراتيجيةٍ ثلاث هى :ــ

1- اتخاذ تدابير مُتكاملة لمنع العنف ضدّ المرأة و القضاء عليه.
2- دراسة أسباب العنف ضدّ المرأة و عواقبه و فعالية التدابير الوِقائية.
3- القضاء على الإتجار بالمرأة و مساعدة ضحايا العنف الناتج عن البغاء و الإتجار.


و فى إطار هذه الأهداف و ضع منهاج العمل سلسلة من التدابير الملموسة التى يجب أن تتخذها الحكومات بما فى ذلك تنفيذ الصكوك الدولية لحقوق الإنسان
و السياسات و البرامج الهادفة إلى حماية النساء اللائى وقعن ضحايا للعنف و مساندتهنَ و التوعية و التعليم.
فقد لقىَ العنف ضدّ المرأة اهتماماً مُتنامياً من الأمم المتحدة كونهُ شكلاً من أشكال التمييز ضدّ المرأة و انتهاكاً لحقوقها الإنسانية و ألزم المُجتمع الدولى نفسه بحماية حقوق الفرد إمرأةً كانت أو رجل  و كرامته بمعاهدات 

و إعلانات مُتعددة.
هذا و يُعد ميثاق الأمم المُتحدة الذى اُعتمِدَ فى سان فراسيسكوا سنة 1945 أول معاهدة دولية تشير فى عباراتٍ مُحددة إلى تساوى الرجال و النساء فى الحقوق ، إذّ ورد فى ديباجته "و أن نؤكد من جديدٍ إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد و قدره و بما للرجال والنساء و الأمم كبيرها و صغيرها من حقوقٍ متساوية" كما ورد فى المادة الأولى من الميثاق و فى الفقرة (3) منها أن من ضمن مقاصد الأمم المتحدة تعزيز احترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية للناس جميعاً و التشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين و لا تفريق بين الرجال و النساء.

أشكالُ العُنف  

يتخذ العنف ضد المرأة أشكالاً عدة و يُمكن أن تشمل عنفاً بدنياً و جنسياً و نفسياً و إساءة مُعاملة إقتصادية 
و استغلالاً فى سلسلةٍ من الأوضاع من القطاع الخاص إلى القطاع العام. و فى عالم اليوم المُتّسِم بالعولمة تتجاوز الحدود الوطنية و تُعد تسمية أشكال و مظاهر من العنف ضدّ المرأة خُطوة هامة نحو الاعتراف بها 
و معالجتها. و قد أظهر تقرير أصدرته الأمم المُتحدة فى عام 2001  "إنَّ واحدة من بين ثلاث نساء فى العالم تتعرض للضرب أو الإكراه على مُمارسة الجنس أو إلى إساءة المُعاملة بصورةٍ أو باُخرى و غالباً ماتتم هذه الانتهاكات لحقوق المرأة بواسطة إنسان يعرفنهُ".
و تمتد أشكاله عبر دورة حياتها من العنف قبلَ الولادة إلى العنف ضدها كإمرأة مُسنة كما يلى :

العُنف العائلى


أو بمعنى آخر إساءة المُعاملة بين الزروجين. ثبت أنه الأوسع إنتشاراً بين أشكال العنف ضدّ المرأة كافةً ، 
و يشمل الأشكال الآتية. أعمال الإكراه الجنسى و النفسى و البدنى التى يُمارسها ضدّ نساء بالغات أو مُراهقات شُركائهن دون رضاهنّ.
و العنف البدنى الذى يشمل استخدام القوة البدنية أو القوة المادية أو السلاح قصداً لإيذاء أو جرح المرأة.
أما العنف الجنسى فيشمل التصال الجنسى بصورة اعتداء دون رضاء المرأة سواء المُتزوجة أو غير المُتزوجة.
و يشمل العنف النفسى السيطرة على المرأة أو عزلها و إذلالها أو إحراجها.
و يتضمن العنف الاقتصادى حرمان المرأة من الحصول على المواد الأساسية و التحكم بها.

العُنف المُتوارَث


يتمثل هذا العنف فى المُمارسات التقليدية المؤذية فيتضمن وأد البنات ، و اختيار جنس الجنين، و الزواج المُبكر و العنف المُتصل بالمهر و ختان الإناث و الجرائم التى تُرتكب باسم الشرف و إساءة مُعاملة الأرامل بما فى ذلك دفعهنَ للإنتحار كذلك و تقييد حق البنت الثانية فى الزواج و زواج الأرملة من أخى زوجها و الزواج بالإكراه.

العُنف المجتمعى


و يأخذ شكل العنف البدنى و الجنسى و النفسى مظهراً يومياً فى الأحياء التى يسكن النساء فيها و فى وسائل النقل و فى أماكن العمل و فى المارس و الأندية الرياضية و الكليات و المُستشفيات و غيرها من المُؤسسات الاجتماعية.
قتل الأنثى بناءً على جنسها  و الذى يُعد فى كثيرٍ من الأحيان إرث النزاع الداخلى المُسلح عاملاً مُساهماً فى ازدياده.
العنف الجنسى المُرتكب من شخص غير شريكها (كـقريب أو صديق أو رجل معروف لدى المرأة أو جار 

أو زميل عمل أو غريب)، و من الصعب تحديد مدى انتشار هذا النوع من العنف ؛ لأن العنف الجنسى يَظل فى كثيرٍ من المُجتمعات مسألة تجلب العار الشديد للمرأة.
التحرش الجنسى   و يكون فى أماكن العمل و المُؤسسات التعليمية و فى الرياضة و فى وسائل النقل. ففى دراسة ميدانية أجرتها "جمعية الأمل العراقية" فى كردستان العراق سنة 2002 على عينة تتألف من (2350) إمرأة بين  (62.12 %)  منهن. أنه توجد تحرشات بالمرأة و بالبنات داخل الباصات و فى الأماكن العامة من الذكور.

الإتجار بالنساء


يشمل غالباً جهات فاعلة مُختلفة. كـالأسر ، السماسرة المحليون ، شبكات الإجرام الدولية ، و سلطات الهجرة. و يحدث الإتجار بين بلد و بلد أو داخل البلد الواحد نفسة و يتم الإتجار بالنساء و الأطفال لأغراض الاستغلال الجنسى فى الأغلب.
و يُقصد بالإتجار بالأشخاص حسب التعريف الوارد فى بروتوكول منع و قمع و معاقبة الإتجار بالأشخاص 

و بخاصة النساء و الأطفال المُلحق باتفاقية الأمم المُتحدة لمكافحة الجريمة المُنظَّمة
هو : "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف 

أو بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال".
و يشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال بغاء الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسى أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو المُمارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.

أسبابُ العُنف

و يمكن إرجاع ظاهرة العنف ضد المرأة إلى الأسباب الآتية :ـ

المرأة نفسها


تُعد المرأة هى أحد العوامل الرئيسية لبعض أشكال العنف و ذلك لتقبلها له و التسامح و الخضوع أو السكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر. و غالباً ما يكون هذا السبب مُفعَّل عندما لا تجد المرأة المُعنفَّة من تلجأ إليه و من يقوم بحمايتها ، كما أنَّ ضعف المرأة نفسها فى المُطالبة بحقوقها الإنسانية و العمل لتفعيل و تنامى دورها الاجتماعى و السياسى و الاقتصادى و الثقافى.

الجهل بكيفية التعامل


إنَّ عدم معرفة التعامل مع الآخر و عدم احترامه و ما يتمتع به من حقوق و واجبات يُعد عاملاً أساسياً للعنف. و هذا الجهل قد يكون من الطرفين. المرأة ، الشخص الذى يُمارِس العنف ضدها. فجهل المرأة بحقوقها 
و واجباتها من جهة و جهل الآخر بهذه الحقوق من جهة أخرى قد يؤدى إلى التجاوز و تعدى الحدود.

المستوى الثقافى


إنّ تدنى المستوى الثقافى للأسر و للأفراد و الاختلاف الثقافى الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هى الأعلى مستوى ثقافياً ممَّا يوِّلد التوتر و عدم التوازن لدى الزوج كــردَّة فعل له فيحاول تعويض هذا النقص باحثاً عن الفرص التى يمُكن انتقاصها و استصغارها بالشتم أو الإهانة أو الضرب.
إذن التخلف الثقافى العام و ما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة و التطور البشرى الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة و الرجل على حدٍ سواء ضِمن معادلة التكامل بينهما لصنع الحياة الهادفة و المُتقدمة يُعد سبباً أساسياً من أسباب العنف ضدّ المرأة.

الأسباب التربوية


إذ قد تكون اُسس التربية العنيفة التى نشأ عليها الفرد هى التى تُولد لديه العنف و تجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية تائهة و غير واثقة مما يؤدى إلى جبر هذا الضعف فى المستقبل بالعنف بحيث يستقوى على الأضعف منه و هى المرأة "فالعنف يولد العنف".

العادات والتقاليد


إذ هناك أفكار و تقاليد مُتجذِّرة فى ثقافات الكثيرين و التى تحمل فى طيِّاتها الرؤية الجاهلية لتمييز الرجل على الاُنثى مما يؤدى إلى تصغير و تضئيل الاُنثى و دورها و فى المُقابل تكبير دور الذكر حيث يُعطى الحق دائماً للمجتمع الذكورى للهيمنة و السيطرة و مُمارسة العنف على الأنثى منذ الصغر و تعويد الأنثى على تقبل ذلك 
و تحمله و الرخود إليه إذ أنها لا تحمل ذنباً إلا أنها وُلِدت أنثى.

التأثر بوسائل الإعلام


لا يخفى ما لهذه الوسائِل من دور يساهم فى تدعيم هذا التمييز و تقبل أنماط من العنف ضدّ المرأة فى البرامج التى تُبث و استغلالها بشكل غير سليم.
إن النظرة القيمية الخاطئة التى لا ترى أهلية حقيقية و كاملة للمرأة كإنسان كاملة الإنسانية حقاً و واجباً هو ما يؤسس لحياةٍ قائمة على التهميش و الاحتقار للمرأة و بالتالى للعنف ضدّها.

الأسباب البيئية


تَكْمُنْ فى مشكلاتٍ بيئية تُشكِّل ضغظ على الإنسان كالازدحام و ضعف الخدمات و مشكلة السكن و زيادة عدد السكان و غيرها. فضلاً عما تُسببه البيئة من احباطات للفرد إذ لا تُساعده على تحقيق ذاته و النجاح فيها كتوفير العمل المُناسب كل ذلك يدفعه دفعاً نحو العنف ليؤدى إلى انفجاره على من هو أضعف منه ألا و هى المرأة.

الأسباب الاقتصادية


فالخلل المادى الذى يواجهه الفرد أو الأسرة و التضخم الاقتصادى الذى ينعكس على المستوى المعيشى لكلٍ من الفرد أو الجماعة. حيثُ يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش و الحياة الكريمة التى تحفظ للفرد كرامته الإنسانية تُعد من المشكلات الاقتصادية التى تضغط على الآخر لِأن يكون عنيفاً و يَصُب جمَّ غضبه على المرأة. فضلاً عن ذلك مفهوم النفقة الاقتصادية التى تكون للرجل على المرأة و إنه من يعول المرأة ؛ لذا فإنه يُعطى لنفسه الحق بتعنيفها و ذلك عبْر إذلالها و تصغيرها من هذه الناحية. و من جهة اُخرى تَقبُّل المرأة ذاتها لهذا العنف لأنها لا تتمكن من إعالة نفسها أو إعالة أولادها.
إنَّ ثِقَلْ الأزمات الاقتصادية الخانقة و ما تُفرزه من عنفٍ عام بسبب التضخم و الفقر و البطالة و الحاجة جعلت من العامل الاقتصادى يَحتل 45% من حالات العنف ضدّ المرأة.

عُنف الحكومات


إذ تأخذ الأسباب نطاقاً أوسع ودائرة أكبر عندما يُصبح العنف بيد السلطات العليا الحاكمة و ذلك بِسَنْ القوانين التى تُعنِّف المرأة أو تأييد القوانين و حمايتها لمن يقوم بالعنف ضدّها أو عدم نصرتها عندما تَمِد يدها لطلب العون منهم و إنصافها ضدّ من يُمارِس العنف ضدّها.

تداعيات الحروب


إن شنَّ الحروب و اختلاق الكوارث و الأزمات تَخلق بيئة و مرتع جيد لثقافة العنف و شيوع القتل و تجاوز لحقوق الإنسان و بما تُفرزه من نتائج مُدمِّرة للاقتصاد و الأمن و التماسك و السلام الاجتماعى.

العواقب الوخيمة للعنف

* تدمير آدمية المرأة و إنسانيتها.
* فقدان الثقة بالنفس و القدرات الذاتيَّة للمرأة كإنسانة.
* التدهور العام فى الدور و الوظيفة الاجتماعية و الوطنية.
* عدم الشعور بالأمان.
* عدم القدرة على تربية الأطفال و تَـنْشِئَتِهم بشكلٍ تربوى سليم.
* التدهور الصحى الذى قد يصل لحد الإعاقة الدائمة و شِبْه الدائمة.
* بُغضِ المرأة للرجل مما يُولد تأزماً فى بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المُشترك.
* الابتعاد عن الزواج مما يؤدى إلى فشل المؤسسة الزوجية إثر تفشى حالات الطلاق ، و الأسوء التفكك          الأسرى.

نظريات تفسير العُنف ضدّ المرأة

نظرية التعلم الاجتماعى

أى أن كلَّ سلوكٍ مُكتسب مُتعلم يتم اكتسابه من البيئة.
و فى ذلك يُشير (Bandura - 1977
 ) إلى أن سلوك الدور الجنسى يتم اكتسابه من خلال مُلاحظة سلوك الآخرين و مُطابقة سلوكنا على سلوكهم ، و قد حدّد Bandura ثلاثة مصادر للسلوك العنيف فى المُجتمع الحديث و تتمثل هذه المصادر فى:  تأثير الأسرة ، الثقافة الفرعية ، الاقتداء بالنموذج الرمزى
و وِفقاً لنظرية التعلم الاجتماعى فإن ملاحظة الطفل للنموذج المُقتَدِى به "الأب أو الأم" و رُؤية الطفل لهذا النموذج العدوانى خاصةً الأب و أنه يُحقق مكاسب جرَّاء عنفه ضدّ زوجته ، كالسيطرة مثلاً. فإن الطفل يتعلم أن العنف ضدّ الآخرين و منهم الزوجة _فيما بعد_ هو وسيلة فعَّالة للحصول على مكاسب و فرض السيطرة 

و الشعور بالقوة ، و يشعر الطفل أن العنف يكون _أحياناً_ اُسلوباً ضرورياً و فعّالاً فى الحياة و العلاقات الحالية و اللاحقة ، كما أن رؤية الطفل للعنف داخل العلاقة الأسرية بين الوالدين قد لا يجعل الطفل فقط عنيفاً ضدّ الآخرين و لكنها تهيىء الطفل و تمهده للسلوك الجامح فيما بعد ، و قد يكون الاعتداء على الآخرين هو شكلاً من أشكال السلوك المُضاد للمُجتمع و قد لا يقتصر العنف على الزوجة فقط ، لكنه قد يتعدى هذا الحاجز ليكون اسلوب مُتّبع فى الحياة.
و بالتالى فإن المُجتمع بثقافته و أساليبه التربوية يعلب دوراً مُهماً فى تعزيز الاتجاهات التى قد تخلق من المرأة كياناً ضعيفاً و نموذج للضحية.

النظرية المعرفية

و هى مجموعة الأفكار و الخلفيات المُسبَق اتخاذها من قِبَلْ الفرد عن شىءٍ مُعين.
و يؤثر عن (
Ellis) و هو رائد العلاج العقلانى الانفعالى قوله: "إنّ الناس قد لا يضطربون بسبب الأحداث 
و لكن بسبب وجهات نظرهم التى يتخذونها بصدد هذه الأحداث".
و فى هذا الصدد فإن تعريف المرأة ذاتها للعنف مهمٌ جداً فى مدى تأثرها بهذا العنف. إذ أن العنف من وجهة نظر المرأة يُمكن تعريفه على أنه "مقدار ما تُدركه المرأة من إساءة مُوجَّهة لها سواءً أكانت إساءة جسمية 

أو جنسية أو نفسية" و يتضح من هذا أن مفهوم المرأة للعنف و تقديرها و تفسيرها و إدراكها له هو الذى يُحدد مقدار عائد الأثر السلبى عليها
فلابُد أن يُأخذ فى مجال الدراسة كيفية إجراء التحليل المعرفى لِأفكار المرأة المُساء إليها و كيفيه انفعالها تجاه هذا السلوك حتى نستطيع أن نعرف طبيعة هذه الأفكار و مدى تأثيرها على الضحية و كذلك كيفيه تغلب المُتضررة بصفةٍ خاصة و المرأة بصفةٍ عامة على هذه الأفكار.

النظرية الاجتماعية الثقافية

و هى ثقافة المُجتمع نفسه.
و تضع هذه النظرية اعتباراتٍ خاصة للفروق فى السلوكيات العدوانية و العنيفة التى قد تشيع فى مُجتمعٍ ما دون الآخر فحوادث الاغتصاب فى كندا تُعد أقل منها فى أمريكا ؛ لأن المُجتمع الأمريكى الشمالى قد يتقبل الاغتصاب مقارنةً بغيره. و فى هذا الصدد يرى (Check & Malamuth ,1995) "إن إدراكات المرأة للعنف ضدّها قد تتأثر بالأساطير ، و المُعتقدات الخاطئة كذلك و تأثير وسائل الإعلام و المخاوف الخاصة و ثقافة المجتمع".
و أضاف (Lillja,  1995) "إن إدراك المرأة للعنف ضدّها قد يرجع إلى نقص التدعيم الاجتماعى لديها ، كما يتأثر بطبيعة النمط الثقافى السائد فى المُجتمع الذى تعيش فيه".
كذلك و تُرجع هذه النظرية العنف ضدّ المرأة لعوامل أخرى مثل الطبقة الاجتماعية. فالنساء اللاتى تعرضن للعنف يَكُنْ من طبقةٍ اجتماعيةٍ أقل من نظيراتهن من الطبقات الأعلى.
و لعامل السن أيضاً دوره الهام. فالفتاة الشابة أكثر استهدافاً للعنف و الإثارة من تلك التى داهمها الكِبَر بنسبة (
70 %) على الأقل. بالإضافة إلى عامل المكانة التعليمية و المكانة الوظيفية ، فحصول المرأة على وظيفة أعلى من الرجل أو مستوى تعليم أكبر منه ، قد يدفعه هذا للإساءة إليها.

نظرية الإحباط  و العدوان

يرى كلٍ من (Doller & Meiller) أصحاب هذه النظرية أن الإحباط هو من إحدى الدوافع الأولية وراء العدوان خاصةً العدوان الأسرى. فالزوج الذى يتعرض للصراعات فى مجال عمله و يَشعر حينها بالضعف فى التحكم فى عمله ، فإنه و عندما يعود لمنزله فإنه يُمارس القوة على زوجته و أولاده إذ أنه يُترجم شعور الإحباط إلى قوة داخل أسرته.
لكن على الرُغم من أن الإحباط يُعتبر على نطاق واسع هو الدافع الرئيسى وراء العدوان الظاهر ، إلا أن هناك استنتاجات مَفادها أن الإحباط هو فقط بمثابة تمهيد الطريق لحدوث العدوان ، فيمكن أن نُطلق عليه "حافزاً عدوانياً"

شخصية المرأة المُعنَّفة

تتباين العوامل و المُتغيرات الثقافية و الاجتماعية و البيئية التى ترتبط بالعنف ضدّ المرأة ، إلا أن هناك سمات شخصية لدى المرأة التى تتعرض للعنف تجعلها أكثر استهدافاً له.
فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن المرأة المضروبة أو المُساء إليها تُثير عدوان الرجل و عنفه ضدّها ؛ ذلك لأن عنف الرجل يُحقق لها رغبة فى إشباع حاجتها إلى المازوشية ، و يُحقق لها كذلك رغبة فى هزيمة الذات و اضطراب الشخصية الهازمة للذات و هذه الشخصية تُظهر قبولاً واضحاً للعنف الزوجى.
و هناك نظرية تنظر إلى الحاجات بشكلٍ تكاملى بحيث قد تختار الزوجة الزوج الذى يُكمِل لها بعض الحاجات النفسية فى شخصيتها. فمثلاً إذا كانت الزوجة مازوشية فهى ترغب فى زوجٍ سادى .. و هكذا.
كما هناك بعض الأمراض النفسية فى شخصية المرأة المُعنَّفة  و هى : السيكوباتية ، الإدمان ، الاكتئاب ، انخفاضاً فى تقدير الذات ، كذلك و تعاطى الكحوليات أو المهدئات أو المُسكنات.
و أيضاً يعتريها بعض الأعراض الجسمية والنفسية مِثْلَ : اضطراب النوم ، الكوابيس ، التوتر الزائد ، الصداع ، البكاء ، التملمُل كنتيجة للتعرض للإساءة

نفسيَّة المرأة الضحية  

تتصف بالجمود و القلق العصبي و النزعة للكمال و الطاعة و الخضوع و الاكتئاب و اليأس و مشاعر فقدان الحيلة و العجز المتعلم و عدم تقدير الذات و الشعور بالإهانة و لديها اضطرابات في النوم و الأكل (الشره 
و فقدان الشهية) , و الميل للانتحار و العمل علي إحداث عاهات بنفسها و الانعزالية عن النشاط الاجتماعي 
و الاختلاط  بالآخرين و الرغبة السريعة للبكاء و الإصابة بنوبات الهستيري و التهويل في الأحداث التى تقع لها.

شخصية الرجل المُعنِّف

سرعة الغضب و الشك و متعكر المزاج و متوتر و شديد الامتعاض و الحساسية و لديه إحساس بخيبة الأمل 
و الخوف و عدم الإحساس بالأمان و انخفاض تقدير الذات و يتغلب عليه الشعور بعقلية الخاسر و مُفرِط في غيرته  و غير قادر علي تحمل الوحدة , كما أنه يلقي اللوم علي الآخرين و يرفض تحمل المسئولية و يلجأ إلى تعاطي المخدرات و إدمان الخمر و يتصف بالتسلطية و حب التملك و ينظر للمرأة نظرة دونيَّة من منطلق ذكورى و لا يستطيع التعامل مع المواقف الضاغطة و يمارس الجنس باعتباره  نوع من العدوان تجاه المرأة 
و لديه إحساس بأنه ضحية و يتصف بالعدوانية تجاه الأطفال و الحيوانات و في العادة ينشأ في بيئة تتصف بسوء المعاملة.

ثقافة الرجل المُسىء

يذهب بعض الباحثين إلى تفسير سيطرة الرجل على أنها سيطرة بفعل الثقافة التى تُشكل الفرد مرةً ثانية بعد التشكيل البيولوـى فى رحم الأم ، فبعد الطبيعة البيولوـة هناك الطبيعة الثقافية التى يُطلق عليها الطبيعة الثانية Second Nature ، حيث أن عنف الرجل ضدّ المرأة يعود لأسباب اجتماعية تاريخية تعود إلى سيطرة الذكور و إلى أساليب التنشئة التى تجعل الذكور أكثر سيطرة و تحكماً.
كما يرتبط أيضاً بطريقة تفكير الرجل و إيديولو
ـيته التى ترى أنه لابُد أن يكون مُسيطراً على الأشياء 

و المؤسسات و على المرأة أيضاً.

دوافع الرجل المُسىء

خبرات الطفولة

أشارت الدراسات إلى أنّ معظم المُسيئين لزوجاتهم قد تعرضوا لشكلٍ من أشكال الإساءة فى طفولتهم كما أنهم أكثر إساءة لأطفالهم فقد تم توجيه سؤال إلى الأزواج المسيئين لزوجاتهم كالآتى : ماذا تفعل عندما لا يتبع طفلك تعليماتك؟
و كانت الإجابة مؤكدة على استخدام العنف ضد الطفل فى حالة عدم إطاعته للتعليمات , و تشير (Joan orme)  
إلى أنّ المرأة المُعتدية على الرجل أو العنيفة قد تكون تعرضت خلال تاريخها النفسى إلى عدوان من والديهما كما أنَ ما يحكم عدوان المرأة هو ظروف أسرية , ثقافية , فالمرأة العنيفة أحياناً ما تتصف بأنها قد تعرضت لخبرات قاسية أثناء الطفولة و أنها تعانى من فقدان الأمن النفسي.

الطبقة الاجتماعية


للعنف ضد المرأة تفسير من وجهة نظر الطبقة الاجتماعية حيث أنّ هناك عوامل مثل الإحباط و الضغوط الناجمة عن الظروف الاقتصادية المتردية أو "السيئه" و الفقر و عدم وجود عمل "بطالة" أو عدم ملائمة العمل أو ظرف الإقامة السيئه و تدني مستوى المعيشة تجعل الفرد يشعر بالإحباط و لا يستطيع تحقيق طموحاته مما يزيد من عنفه و عدوانيته.
و لذلك يشعر الرجل بأنه يستعيد رجولته عن طريق التحكم في المرأة و الإساءة لها لأنّ تعدد الضغوط الاجتماعية على الرجل كالباطالة أو انخِفاض الدخل تجعله يشعر بالإحباط و من المحتمل أن يعتدى على زوجته و يُسيئ إليها و يستعيد شعوره بالقيمة.

الظروف الاقتصادية


تلعب الظروف الاقتصادية دوراً مهماً في العلاقات الزوجية و في ظاهرة العنف ضد المرأة فإذا كانت المرأة لها دخل مستقل عن الزوج فقد لا تقبل الإساءة و قد لا تستمر في الزواج.
أمَّا المرأة التي ليس لها دخل فقد تُعاني مُعاناة شديدة من زوجها و عنفه و من عدم وجود دخل لها كي توقف هذا العنف و تتخلص من هذه العلاقة.
كما أن عمل المرأة و مستواها التعليمي يلعبان دوراً مهماً في ظاهرة العنف فالمرأة العاملة أقل تقبلاً للعنف 

و كذلك وجود أطفال لدى الزوجة يتدخل في قرارها بالانفصال عن زوجها و مدى تقبلها للعنف من زوجها.

أثر العُنف على الأطفال


هذا العنف يُولِّد انعكاساً سلبياً على الأطفال من خلال التدهور الصحى للطفل و الحرمان من النوم و فقدان التركيز كذلك الخوف و الغضب و عدم الثقة بالنفس و القلق و عدم احترام الذات و هذا كله سيُفقد الطفل احساسه بالطفولة ، فضلاً عن الاكتئاب و الإحباط و العزلة و فقدان الأصدقاء و آثار سلوكية مُدمِّرة من قبيل استسهال العدوان و تبنى العُنف ضد الآخر و بِناء شخصية مهزوزة فى التعامل مع الآخرين و نمو القابلية على الانحراف.

طُرق الوقاية

هناك عددٌ مُتزايد من الدراسات المُعدّة جيداً لغرض النظر في مدى فعالية برامج الوقاية و الاستجابة ، و يلزم توفير المزيد من الموارد من أجل تعزيز جانبي الوقاية و الاستجابة ، بما فيهما الوقاية الأولية ، فيما يخص العنف المُمَارس على يد العشير و العنف الجنسي ، أي الحيلولة دون حدوثهما قبل كل شيء.
و فيما يتعلق بالوقاية الأولية ، ثَمَّة بيانات مُعيّنة وافدة من بلدان مرتفعة الدخل تفيد بأن البرامج المدرسية لوقاية المراهقين من العنف الممارس في إطار علاقات المواعدة الغرامية قد أثبتت فعاليتها ، غير أنّه ينبغي مع ذلك تقييم تلك البرامج لأغراض استخدامها في الأماكن الشحيحة الموارد. و فيما يلي عدة استراتيجيات أخرى من استراتيجيات الوقاية الأولية التي أثبتت أنها واعدة ولكن يلزم مواصلة تقييمها : الاستراتيجيات التي تجمع بين التمكين الاقتصادي للمرأة و دورات التدريب على المساواة بين الجنسين ؛ و تلك التي تسعى إلى تعزيز المهارات في مجالي التواصل و صون العلاقات فيما بين الأزواج و داخل المجتمعات المحلية ؛ و تلك التي تحدّ من فرص الحصول على الكحول و من تعاطيه على نحو ضار ؛ و تلك التي ترمي إلى تغيير القواعد الثقافية الخاصة بنوع الجنس.
لتحقيق تغيير مستديم ، فإنه من الضروري سنُّ تشريعاتٍ و وضع سياسات التي تمكّن من:


1- التصدي للتمييز الممارس ضد المرأة
2- تعزيز المساواة بين الجنسين ، و بما لا يتعارض مع التشريع الإسلامى
3- دعم المرأة
4- المساعدة في المُضِي قُدماً صوب وضع قواعد ثقافية أكثر سلمية.

و يمكن أن تسهم استجابة القطاع الصحي المناسبة إسهاماً كبيراً في توقي العنف. و عليه فإنَّ توعية مُقدمي الخدمات الصحية و غيرهم من مُقدمي الخدمات و تثقيفهم من الاستراتيجيات الأخرى التي تكتسى أهمية في هذا الصدد. و لا بُدَّ ، للتصدي بشكلٍ كامل لآثار العنف و تلبية احتياجات الضحايا / الناجين ، من استجابةٍ مُتعدّدة القطاعات.

المراجع

[1] كتاب الإساءة إلى المرأة.                 "حسن ، هبة محمد على"
[2] كتاب سيكلوـية المرأة.                  "غانم ، محمد حسن"
[3] كتاب المرأة و قضايا مُعاصرة.           "حسين ، خالد حسن"
[4] كتاب سيكلوﭼـية المرأة.                  " سومة الحضرى ، رابعه عبد الناصر"
[5] كتاب سيكلوﭼـية المرأة.                  " النيّال ، مايسة أحمد"
[6] كتاب سيكلوﭼـية المرأة.                  " عبد الرحمن ، حنان أحمد"

الخاتمة


إلى هنا أكون قد أتممتُ ، ما احتوى المقال و قد يممَّتُ ، شيئاً من التفصيل فقد بحثتُ ، أقوال العلماء قد حررَّتُ ، ما قالوا بتلخيصٍ و ما طولتُ ، رجا  ألاَّ  أكون  قد أسئمتُ ...

                      عَسَى إلَهُ الْكَوْنِ أَنَّ يَسْتُرَنَا وَبِـ       ..    اسِمِهِ الْهَادَى بِأَنْ يُكَرِّمَنَـــــــــا
                            
هِـدَايَـةُ التَّــوفِـيـقِ أَنْ يُـلْـهِـمَـنَا       ..     وَمِنْ جَمِيعِ الشَّرِّ أَنْ يَكْفِينَـــــا
                                   
حَمْدًا لِرَبَّى طَيِّبَا كَثِيرَا            ..    فَالْفَضْلُ مِنْهُ لَمْ يَزُلْ كَــبِــيــــرَا
                                  
ثُمَّ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ أَبَدًا           ..    تَغْشَى النَّبِىَّ الْمُصْطَفَى مُحَمَّــدًا







مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق